Sunday, 28 July 2013

البــت اليتيمة

عارف اني مشتاقة ليك !! عارف اني سافرت بعيد , بعيدا عن السودان لكن قريبا من موسكو , كل السكك هنا بتشبهك , البرد شديد وانا شايلاك جواي بحب  . البرد شديد وانا لسه بتعلم المشي في التلج , وانا ماشة يوم بالليل وقعت في الشارع , كنت منتظرة احد العابرين يمد ايده ويرفعني , قعدت اتلفت بس مالقيت زول , نفضت الكوت بتاعي وواصلت المشي , وبكيت لاني كنت بتحسس الدروب كأنك كنت ماشي معاي , بس لحظتها عرفت سر اللمعة الفي عيونك والحزن البعيد .
السنين جرت وانا كبرت , كان نفسي تشوفني وانا بكبر , احضنك واشم ريحتك , قلمك الكان دائما في جيب القميص , ولاعتك الدهبية , برج آيفل البنور بالليل في اوضتك , الحصان الابيض الكان في مكتبتك . مرت السنين عصيبة وعصية علي قلبي من دونك , صوت البكاء والعويل مافارقني من 1987 , وقتها كان عمري 3 سنين , ماقادرة انسي الايادي , كان كلو زول يشيلني شوية ويديني للتاني هسه بقت تشيلني الاوجاع في يد الاقدار والحياة الواسعة وضيقة .
  كانت كوبر مضلمة , دخلوا شايلنك مغطي , زحمة دموع ملت الذاكرة , دخلوك الاوضة الجمب اوضة خالوا جمال , الاوضة الكنتو بتلعبوا فيها كوتشينة ومرات تشربوا , عارف انا بحب الاوضة دي قدر شنو فيها ريحة الدنيا المفتوحة علي الشارع , قبل ماالبلد تبقي ضيقة وتنقسم , الابواب كانت مواربة للغريب والقريب , قفلوا باب الاوضة مسافة طويلة وانا مستنياك تطلع , كنت عاوزاك تشيلني زي زمان وتقول لي يا ايما اللئيمة , بس انت ماجيت وفضلت مستنياك , عارف اني لحدي هسه مستنياك بنفس اللهفة والشوق ’ ولسه بحلم بيك , اخر مرة جيتني في الحلم وانت راكب مركب في نص بحر , بحر كبير , وقلت لي ماتخافي وكنت بتعاين لي بس المركب كانت بتبعد وصحيت وعلي طرف عيني دمعة باردة , مسحتها وابتسمت ليك .
عارف اني بحب الشعر وكمان بكتب , انت العلمتني اكتب , اخر خاطرة كتبتها عنك كانت :
 (البت اليتيمة بتشوف ابوها في عيون حبايبها , في الدروب المابتشبه الا ريحته ’ ولما تحلم بيكون شعر الحلم منكوش زي اللهفة الاولي ’  ومسكة اليد ) .
حواء  الكانت حارسة بيت شمبات بتسأل عنك , آخر مرة شفتها حضنتني وبكت شديد وقالت لي انها بتحبك شديد , قالت لي ان يوم من الايام امي ختت الغداء وانت جيت قعدت عشان تاكل , بس فقدتها وسالت امي : وين حواء ! قالت ليك برا بتاكل ’ وانت قلت ليها ناديها تاكل معانا , وامي قالت ليك : كيف ياالصاوي يعني الغفراء ياكلوا معانا في صينية واحدة , قمت مشيت برا وجبت حواء من يدها وقعدتها جمبك واكلت معاك في صحن واحد ’ انت بتحب الناس وكمان هم بحبوك وكل مايشوفوني بحضنوني وببكوا , انا ماعارفة فيني شنو منك بس عارفة انك اختفيت فجأة وسيرتك كانت مابتتفتح عاملة زي الكتاب المليان اسرار .
دخلت جامعة الخرطوم الكنت بتحبها , وكل ما امر بكلية العلوم قلبي بيرف , مع انك درست فيها سنة واحدة وسافرت .
لسه الحزب الشيوعي بيذكرني بيك , وفي مرة حبيت واحد شيوعي علي السكين , بس ود جدع وبحب البلد , نشيط زي النحل مابيكل ابدا , اتخيل انه طلع من كوستي !! شفت الصدف الغريبة دي ! سالته من اجزخانة الامانة الكنت شغال فيها ولما سافر سال عنك هناك وعرف مجموعة من اصحابك وكلمني انك كنت زميل محترم ومنضبط فل الفل , فرحت شديد وانا بسمع حكاويك الحلوة , ماقدرت اكتم الكلام ومشيت حكيت لامي عنك وعن كوستي واني بحب واحد شيوعي , صرت وشها وقالت لي : تاني يا ايمان , عاوزاهو يمشي مربع 27 يشتري العرقي ويجيكي لط , ويقعد يغني في الحوش ياالحجروك علي  ,, وبعدين ينوم ليكي في الكنبة ويجي الحرامي لافي في سكن الدكاترة عادي كان بجي الحرامي يخش الاوضة وانا بعمل نفسي نايمة لما يمرق , وابوك يصحي الصباح يبتسم في وشي ويقول لي انا آسف يادلال  انا بحبك .
كان نفسي اسمعك وانت بتغني معاهم , صوتك شكله شنو وملامحك  عاملة كيف .
انا آسفة اني بقيت مابزورك في حمد النيل بس انت عارف اني مشيت مكان قريب منك فيهو ذكرياتك ودروبك  عارف ليه ! دا كله عشان بحبك 
بحبك

بتك ايما 




Friday, 26 July 2013

انتبــاه

انتباه  ,, انتباه  لو كنتوا بتحبوا الحياة
سلام علي الفن المصري الذي لم يخذلنا  , انا سعيدة بمشاهدة مسلسل الداعية الذي يعكس الواقع الاجتماعي المصري بلا خجل ’ بكل مكوناته من شعب واخوان مسلمين ارادوا ان يلبسوا الحق بالباطل , استمع الي صوت امال ماهر التي تبعث الامل في خلايا الثورة التي بداخلي وهي تغني :
انتباه انتباه ,, لو كنتوا بتحبوا الحياة
الخوف جدار ضد النهار
والانتصار طوق النجاة
انتبــاه
انتبـــاه لطيور ظلام ,, بيصادروا حتي الابتسام
ويصادروا حلمك في المنام ,,
ويفتشوا عنه ووراه 
انتبــــاه ضموا الصفوف ,, وارسموا فوق الكفوف
فجر يملي عيونا شوف ,, شوق لبكرة وللحياة
اردت ان اشارككم فرحتي واعجابي   بمسلسل الداعية الذي  تناول الحياة عن قرب , كيفما هي في بيوتات المتشددين وعامة الشعب , كان اختيار هاني سلامة موفقا للقيام بدور يوسف وايما توفيق , استطاع ان يعكس صراعاته النفسية علي فيزيائيات شكله الخارجي , وقام بدورين في آن واحد ,, الاول هو الانسان الملتزم بكتاب الله وسنة رسوله , اما الثاني فهو يوسف المصري صاحب القلب النبيه الذي لم يضله حدسه تجـاه الحق والباطل .
لم يتوفق المخرج في اختيار شخصية نسمة وهي الفتاة التي احبها يوسف لم احس بها كما كان يوسف بديعا في هذا الدور ,  كان يمكن لنيللي كريم ان تقوم بدور نسمة علي اكمل وجه ولكن هذا لم يمنعني عن الكتابة .
 انا مندهشة من وعي الشعب المصري بقضاياه ووطنيته , كيف استطاعت الدراما  ان تكون مرآة  تعكس الواقع بكل هذه الشفافية والوعي , ويحضرني في هذا المقام ذكر فيلم ( الباب المفتوح ) الذي  تناول الواقع الاجتماعي بأسلوب رفيع المستوي مما ادهشني حقا , هذا الفيلم  بطولة فاتن حمامة وصالح سليم  ,ومن اخراج هنري بركات الذي رحل عام 1997 بعد اخراجه لمجموعة من الاعمال البديعة , الف رحمة ونور عليه ,  تم اصداره سنة 1963,وانا اتسآل اين هي السينما السودانية في هذا الوقت , تتملكني غيرة  ايجايبة ,ممكن اسميها غيرة الوعي ,  ومتي سنتتبه  !!! بس في حاجة بتخليني متفائلة , اسمها جماعة سودان فيلم فاكتوري , بعثت في دواخلي الامل كما بعثته اغنية انتباه  في دواخلي , سودان فيلم فاكتوري تسعي سعيا حثيثا لأنتشال السينما السودانية من واقعها المحبط , مجموعة من الشباب المجتهدين والموهوبين والمتفائلين بسينما سودانية  غير مشروطة , سينما حرة تعكس الواقع الاجتماعي  السوداني , تعكس روح الشباب والعمل الجماعي لأجل وعي هذا الشعب المسجون , ارجو منكم الانتباه لو كنتوا بتحبوا الحياة .  








Sunday, 21 July 2013

أخوان أحبة

حاجة رقية بثوبها الابيض الودود كانت بتقول : ديل ولادي ولاد الميدوب جبتهم بعد النديهة , وذلك لانها تأخرت في انجابهم فكانت تمشي تنده الشيخ المجذوب , كانت لها ملامح قديسات الكنائس وصمت الحكماء وكأنها لاتنطق عن الهوي ’ دخل عليها احد اقربائها يحمل في عينيه خبر شين زي مابقولوا اهل البلد : البركة فيكي ياحاجة  , نظرت اليه بصمتها الصبور : في منو ياولدي !! اجابها بحزن وصوت مرتجف من العبرة : في الصاوي ياحاجة .. سكتت
ياتو فيهم الصغير ولا الكبير ؟ علما انه الكبير اخوها صاحب الاسم والصغير جناها المسمي علي الكبير ,  اجابها مجبرا علي صدق الحقيقة المرة , حقيقة الموت : الصغير ياحاجة رقية . سكتت ولم تزرف دمعة واحدة لم تنطق بحرف واحد .. فجة الموت صعيبة علي ام مكلومة في جناها ’ مرضت مرض شديد  وكانت بتستفرغ دم , شالوها بالعنقريب ودوها الخرطوم , وانا كنت صغيرة اصغر من احزان الدنيا وهم الموت ,, منشغلة باللعب في الجنينة , دق جرس الباب ’ فتحوا الباب ضلفتين شايلين العنقريب فوق كتوفهم وكانت لسه  بتستفرغ  دم وانا كنت شايفاها وطرف توبها برفرف علي الواطة وبيعمل ضل ’ ضل كبير اكبر من الموت والعنقريب والحزن .
كانت خطاي تكبر يوم بعد يوم ولم يفارقني ثوبها الابيض زي روحها الطاهرة . اهدتها الحياة الصاوي ومبشر , واخذت الصغير علي غفلة وعجل , ومازال باب الحوش موصودا يسمع صوت امها وهي تقول لزوجها مصطفي : مابنخلي رقية تمشي الزيداب قالوا فيها الملاريا واحنا بنخاف عليها وسافر مصطفي الزيداب وتزوج بأخري اسمها جميلة .
اخوان احبة زي موية وضل , لما الدنيا تمغرب يشقوا المقابر سوا يمشوا علي نادي الحلة ويقعدوا مع خالهم , كانت رائحة الحياة تفوح من جلاليبهم البيضاء زي توب رقية , يصعد المبشر علي طاولة النادي ويلقي الشعر وهو مازال صغيرا علي دروب الحياة لم يدري عن الاقدار وماتخبئه له .
وفي الصباح يشيلوا الخضار يبيعوهوا في السوق , والمبشر كان فالح ونجيض لكن الصاوي كان مسكين ومازول سوق , يرجعوا البيت لي امهم شايلين عرق الحياة بطعمها المعتق .
جاء العيد عشان يفتح ابواب البيوت علي الحياة , خالهم جاب ليهم جلاليب العيد وابوهم في الزيداب , سمعوا صوت بناديهم يااولاد جيبوا لي الفلاني والفلاني ,, مبشر قال للصاوي تعال هنا , الصاوي مندهش بوجهه الطفولي وشلوخه التي لم تنضج بعد , في شنو !!
المبشر : اقلع !! قلعوا الجلاليب ورموها لي خالهم بالحيطة ! وقال ليه ابشر بي صوت عالي : ديل عراريقك شيلهم مادايرنهم !!
يال دهشتي من معرفة الاطفال بالكرامة وعزة النفس !

اين كرامتنا وعزة نفسنا ونحن نبكي وطن مد البصر والبصيرة !! 

Saturday, 20 July 2013

المبشر ود رقية

كلما أحاط بي الوطـن رأيت وجهه يساور خيال امنياتي , رائحته من شجر البلود العصية , قالت والعبرة تخنق حنينها : هو من ذلك الجيل الذي لم تستهوه ثقافة المازني او العقاد فيمم وجهه شطر الماركسية.
لطالما رأيته نحيلا زاهدا الا عن مبادئه وصدق قوله , اوجعه الزمن في وطنه الذي لم يبدله رغم النكران , صرخ ذات يوم بصوت عالي : عشنا وشفنا في زمن الرعاع  . ظل يوصف بحرقة وهو يشد علي عنقه اعدام عبدالخالق محجوب رفيق زنزانته , راودته احلام اعتقالاته وتعذيبه دون رحمة , عاش في السجون ماعاشه شرفاء هذا الوطن وكابد مكابدة مؤمن بوطن مد البصر والبصيرة .
يسمونه  اهله الشريف وينادونه باأبشر , وحينا مبشر , رجل استثنائي ,تخرج من بخت الرضا وكان قائدا فيها , قال احد زملائه : هو عضو ملتزم في الحزب الشيوعي من الوسطي , وجد نفسه في الشعر والخطابة وهو متحدث لبق بالعربية والانجليزية , أحب التمثيل لكنه كان مؤمنا بالحزب الذي أخذ جل وقته ولم يمنعه ذلك من سرد مسرحية قيس وليلي بطرافة رجل عرف المدينة والريف بكل تجاعيدها وزغاريدها وجنائزها , قال عن قيس عندما اغمي عليه ضاحكا : دا لو كبوا آذان بلال في أضانه كب مابيصحي .
أحب مكتبته بشغف , راقبت ترحاله في المدن واعتقالاته بصمت  محب , وفاء العلم لايجادله لسان الزمان ولو طال به الأمد , كتب تاريخ السودان القديم , اصل مدينة الخرطوم والنوبة ومآساة السد العالي وتهجير الحلفاويين , كتب تولستوي الحرب والسلام وآنا كرنينا , وقصيدة تربوية لمكسيم غوركي يحكي فيها عن تنشئة الاحداث في عهد الاشتراكية , محمد ابراهيم ابوسليم , طبقات ود ضيف الله , البروفسير عبدالله الطيب وهو خاله لأمه , له معه الكثير من الحكاوي والذكريات , حكي انه : كان يعمل في مدرسة امدرمان الصناعية , فقابله عبدالله الطيب في الطريق وكان ذلك في شهر رمضان , حياه قائلا : طبعا يامبشر انت رمضان دا ماحقكم ’ جاوبه بجدية المتجاهل وخفة ظله المختبئة خلف روحه النبيلة : فطرت عند ناس فلان جابولنا لحمة محمرة مطبوخة بي طريقة هلنا في الدامر , ثم سأله با ابتسامة مكر مشاغب  : انت ليه اكلنا في الدامر طاعم عشان  هناك بيجيدوا صناعة الطعام ولا دي بركة شيخنا     المجذوب !! أجابه عبدالله : عشان الاتنين وابتسم  ثم تفرقت بهم السبل .

Tuesday, 9 July 2013

الي تلك الوجوه


الي القطار الذي لايشبه العمر كما يشبه الحياة , وجوه مختلفة واماكن مختلفة , نوافذ مغلقة وبعضها مفتوح , وتفكير لاينتهي عن الغد وربما الامس , عن المفقودين في الذاكرة بلا آخر
وفي اطراف المدينة ليس هنالك قانون بل ظلم وافتراءات تلقي بظلالها علي المساكين الباحثين عن الامان وكم انا حزينة لاجل الذي يحدث لهؤلاء المختبئين خلف الحدود ليعبروا الي مدنهم المستحيلة الي جنة الاشقياء , لأجل جميع المساجين خلف قضبان لاتعرف الرحمة , ودعوا اهاليهم بلا رجعة ,, ورموا با اوراقهم الرسمية بين قضبان القطارات ودفنوها علي حدود طموحاتهم للوصول الي الجنة , فليس هنالك جنة دون ان تدفع شيئا ما , شئ ثمين هو حياتك هو أنت .
تمر الايام دون جدوي دونما أمل ,  خلف تلك الجدران تبرق بذات عسكرية وترقيات وهمية يدفع ثمنها الابرياء والمفقودين بلا هوية والخائفين من الغد وربما الماضي ,
وذاكرة التواريخ تتوخي ذكر الحقائق , لنقف جميعا نترحم علي هؤلاء ( النزاهة والتضحية وكل ماهو جميل ولامع كما النجوم ) لنعانق الواقع بحقيقته المؤلمة .
فعندما ترمي بااوراقك الرسمية وبطاقتك لايسالونك من انت !! ولماذا ! بل يعلنون عليك الحرب والملاحقة لانك لم تمتثل للقوانين التي وضعوها , قوانين لاتحمي المغفلين والفقراء والمفقودين والخائفين , قوانين يطبقها هؤلاء القتلة الذيت تبرق بذاتهم العسكرية من دماء المعدمين , القوانين لاتحمي الحرية بل تشتري بالنقود .
وداعك للارض التي حملتك سنين طفولتك وذكرياتك وأمنياتك هذا كله لايساوي شيئا من وداعك لنفسك , كم كانت حبيبة اليك تحسك وتعرفك كما شوارع المدينة المظلمة ليلا كما لون الدموع الحزين , كما هي اذآن الوسادات الصامتة , كم هي حميمة حوارات الصمت بينك ’ كل الاصوات تتكرر ماعداك وحدك تسمع صوتك ووحدك ترحل

ومابين القطار وبينك هموم متبادلة , طرق متشابهة , ملل وتفكير صداقة تملاوها الدروب ودروب مليئة بك دون ان تملأك 

Sunday, 7 July 2013

السيدة وعلي الزين

شوارع الخرطوم حزينة وموجوعة يبكيها الشجر كما بكي يعقوب ابنه يوسف ..  احذية الغلابة تطرق كل يوم ابواب الشارع الموصدة ,, ببصيص خطوات نحو الخلاص  ,,  نحو حبيبة حنون ,, حبيبة زي المطر
 ,, تملاء الذاكرة  صدق ووضوح ..

والشوارع مابتتعب ,, نفس الوجوه ,, الخطاوي
اه عليك ياسودان
الخطاوي لم تمل المشاوير .. الاصحاب الحنان ,, الدموع الفجأة ,, والفرح البعيد ,, الانتظار , الملل ,, الحب ,, العالم .. الصدفة ,, الرغبة ,, الخجل ,, الوجع ,, البرد ,, المواعيد ,, الفراق ,, الحصص
اللعب ,, النحيب ,, الحقيقة ,, الظل ,,
الخوف يبني  المسافة التي بينك وبين روحك .. كلما ابتعدت منك كلما عرفت كلما تاملت الاشياء اعمق .
بين سكك القطارات وداعات ودموع ,, فرح لقاءات عابرة  يملأ العالم بالصمت والحنين , وانا اجلس في مكان بعيد عني يعرفني ولا اعرفه .. الذاكرة المليئة بالاغاني الحنينة ,, والالوان الباهتة ,,  والاحباء المجهولون ,, وظل صديقتي عندما نعود من المدرسة غبار الشوارع يملأني بالسفر ,, وصوت عمتي السيدة يناديني من حين لاخر : يابت انتي كويسة خواتك كويسات !! صوت بعيد يجيب حنان العمة سيدة : ياحليلك يالصاوي  السيدة بتحبك شديد وبتشبهك ايديها زي ايديك !! وريحة عرقها زييك !! وصوتها زي صوتك البعرفه من زمان  ,, سيدة بتحب الناس .. كل يوم بتسافر من الزيداب للدامر ومن الدامر للخرطوم .. سيدة سرحانة في هم الدنيا , شايلة كرتونة القرقوش لي اهلها وقزازة سمن بلدي ريحته مابتتنسي ,, نفس الجدايل والشلوخ ,, عيونه بتلمع زي عيون استاذ علي الزين ,, علي الزين وسيدة بيتشابهو  مع انهم ما اتلاقوا ,,من زمن الصدق الاصبح في عيون الناس مظنة !!                                                                                   
  لكن كمنجة علي الزين بتشبه خطوات السيدة .. حنينة بتخش القلب ..

الحب البيني وبين الحكاوي قديم .. زي بيوت الانجليز ,,  وريحة الافندية وهم راجعين من الشغل ..     والدكاكين الفي النواصي .. والشوارع المظلمة , والرواكيب الحارسة العمارات , وخيانة الصحبات ,, وابواب الترزية المقفلة ,, والفستان الضيق ,, والشطة الحارة ,, والايس كريم لمن يسيح ... وامك لمن تدقك والعيب 
والحرام .

Saturday, 6 July 2013

يوسـف

يوسـف

باالامس اقلق منامي  يوسف ,  كنت افكر كم هو غريب كم هو ليس بضال , اعماله تتسم بنكهة خاصة
 نكهة صدق وانين بعيد ,, كيفية اختياره لشخوصه من حيث الملامح والاداء ,, موسيقاه تعرف من قبل ان تبدأ  ,,  في احدي المشاهد التي ذهلت منها حقا في فيلم ( عودة الابن الضال ) وجه فاطمة  يوم زواجها من علي ,, ترددت الف مرة هلي هي سهير المرشدي ام شخص آخر !!  بدا لي وجهها كأرجوز في مسرح عرائس !! كيف استطاع ان  يصيغ احساس الحب والاستسلام لاقنعة الحياة من خلال   وجه هذه الفاطمة !
وما ادهشني ايضا صوت علي الذي كان يشبه صوت ابراهيم  الذي كان متهم بالشبه لخاله الذي سبب الالم لاسرته سنين طوال ,, كان يوسف يريد ان يقول الصوت الصادق بطلع من روح واحدة ’’  ركز علي الصوت وليس علي فيزيائيات الشكل الخارجي وهذا من اذكي الاختيارات ,
محمود المليجي وهو يحاور الصحراء كان يصرخ بصوت يوسف نفسه  , وهو يقول لعلي : انت كلب انت كلب جاهل !! احسست ان المليجي  كان يحاور شخصه في علي ,, وعندما قال : انا مخلوق للحب وبس !! كانت هي العبارة التي تشفي غليله من ضربات الزمن  وعمره الذي تسرسب من بيد يديه ,
عندما وصل عصاته بينه وبين ابنه كان حوار مع النفس قاسي جدا
يوسف شاهين  اتهم بالغموض حول فنه ومقاصده من هذه النوعية من الاختيارات ,, لم تكن اختيارات متعمدة او مقصودة ,, حتي ان افلامه تبدو للكثير ذات نهاية غامضة او غير مفهومة , لم تكن النهاية هي قضية يوسف شاهين بقدر ماهو شخص مسكون بالفن بالموسيقي يالمشاهد الحياتية ,,
دائما يتهم مثل يوسف بالسؤال : ايه القصد في كدا !!

الفن ليس له قصد ,, يقول الكثير من الفنانين هو رسالة !!
نعم هو رسالة لكن ليست مرهونة بالنهاية التي نتمناها او ننتظرها ,, هو رسالة مملؤة بالجمال بالحب بالدهشة الحقيقية ’’ بمنولوجات الدواخل التي بيننا وبين انفسنا دون حواجز ’’

الفن ليس له قصد  او نهاية

الف رحمة ونور عليك يا يوسف 


عفوا

عزيزتي دلال
لايبارحني صوتك وانتي تقولين لي  ( يا ايما لايأكل الذئب الا من الغنم القاصية ) ربما لانك كنت تشعرين انني دائما بعيدة متنحية عن ( الاصول ) وهي كلمة قوية وبارعة التجوال بين عباراتنا التي نتخيرها لتبرير افعالنا الغير مبررة , اردت ان اخبرك انني لكم فضلت ان اكون قاصية دون  ان اتبع قطعان تتوهم الخطأ والصواب ,, ادعو في تباريح غربتي ان يصبح كل منا قاصيا  عن القطعان المقرفة , تلك القطعان المليئة بالاصول التي نتوهمها حتي في عقلنا الباطن ,, وقد قالها الفيتوري :
 دنيا لا يملكها من يملكها
أغنى أهليها سادتها الفقراء
الخاسر من لم يأخذ منها
ما تعطيه على استيحاء
والغافل من ظنّ الأشياء
هي الأشياء
لطالما سألت نفسي لماذا انا قاصية ! كما سألتها تكرارا عن الاصول !!
جاوب صوت اسئلتي رحيلي المفاجئ حتي دون ان اودعك عزيزتي , ليس لأنني اخاف من دموعي امام غيري , بل لانني اخاف خبايا روحي التي تحن الي الحنان المفقود , حنان لم احسه الا وانا احضن نفسي ليلا في برد كييف القارص , خلف وردات تشبه طفولتي بين يديكي الناعمتين ايتها الجميلة , كم كنتي فاتنة لا انكرها كنتي كما يجب للأم ان تكون , لم اكن مطيعة كما وددتي لي , كانت ملابسي قصيرة اقصر من ان تستر عورة بلد كلها لصوص , لايمكن انا انسي  خروجنا معا صباحا الي الصيدلية ( صيدلية الصاوي )
هل تذكرين كيف كان الزمن عصيا !! كان يلاحقك زبانية النظام في بداية التسعينات , ليس لانك جميلة فقط لا !! بل لانك امرأة وارملة !! لاحول لكي ولاقوة سوي العمل في ظل هذا الهجير القاسي , كانوا يحتكرون الدواء والطلبيات علي ( ناسهم زي مابقولوا ) نقف في تلك الصفوف حتي تجف امالنا من هؤلاء اللصوص , كانت الملاريا تنخر عظامي , دكتور الفاتح مازال يراودني بقميصه الازرق الباهت الذي يروي قصة( مركز صحي الختمية ) اين هو الآن ؟ رأيته صدفة وعرفته بعد طول السنين اصبح مدير مستشفي الحميات الآن ويرتدي بذة عساكر !! ياالله !! من مركز صحي الختمية الي مدير مستشفي الحميات !!
اوربا الشرقية ليست كأحلام ابي في تلك المكتبة ! شئ آخر مختلف , وددت لو أنه حاضر لأحكي له عن مارأيت , اتعرفين ! وجدت بيانو كبير مكتوب عليه اكتوبر الاحمر , لينين قراد !! فرحت كطفل يشم رائحة اب مفقود بين رمال حمد النيل , حمد النيل لم تعد كما هي , تفلتت شواهد القبور عن الموتي !! يالله !! حتي الشواهد !!
زبانية النظام لم اكرههم من فراغ !! لا انسي وجه عوض ابن عوف وهو يرتدي ذلك الاخضر الداكن يحمل وسامة شاب غبي ضل طريقه الي الحياة ’ ارتضي لنفسه ان يكون دبلوماسي بالسفارة المصرية , اولاده يشبهونه لولا رحمة الطفولة باالابناء ! يقف امام بوابة المدرسة ليقلني الي المنزل وانا ارفض ,, كما يقول المثل الطريق الي قلب الارملة ابناءها !! صوتك مازال يدق في أذني جرس الانذار من هؤلاء الاوغاد : والله يا ايمان تاني ترجعي مع عوض ابن عوف دا اقتلك ) من تلك النبرة عرفت انهم  جبناء وقتلة .
كان البيت متورع في الشكوي , شكوي الغياب .. صور كثيرة وتحف ولوحات ,, هدوم وكرفتات وبدل رمادية .. بحب اللون الرمادي !! مصطفي لطفي المنفلوطي عاقدا شاربه علي النظرات والعبرات حينا آخر !! مجلة العربي  كل الاعداد القديمة  ورائحة صنعاء تملأ المكان ,, كتب روسية قديمة  ومذكرات بخط اليد ! كتابة زي الموسيقي !! تشبه النوتة الموسيقية بالضبط !!
موسيقي الكتابة لم تبارحني  , انا من اهوي ومن اهوي انا , درويش الحب يملأ كل مساماتي ,, ا احبك
مازلت احبك رغم كل هذه القسوة .. ولكن
عفوا للدين
عفوا للاصول
عفوا للقطيع


أنا قاصية  

Friday, 5 July 2013

ابن آدم