Saturday, 20 July 2013

المبشر ود رقية

كلما أحاط بي الوطـن رأيت وجهه يساور خيال امنياتي , رائحته من شجر البلود العصية , قالت والعبرة تخنق حنينها : هو من ذلك الجيل الذي لم تستهوه ثقافة المازني او العقاد فيمم وجهه شطر الماركسية.
لطالما رأيته نحيلا زاهدا الا عن مبادئه وصدق قوله , اوجعه الزمن في وطنه الذي لم يبدله رغم النكران , صرخ ذات يوم بصوت عالي : عشنا وشفنا في زمن الرعاع  . ظل يوصف بحرقة وهو يشد علي عنقه اعدام عبدالخالق محجوب رفيق زنزانته , راودته احلام اعتقالاته وتعذيبه دون رحمة , عاش في السجون ماعاشه شرفاء هذا الوطن وكابد مكابدة مؤمن بوطن مد البصر والبصيرة .
يسمونه  اهله الشريف وينادونه باأبشر , وحينا مبشر , رجل استثنائي ,تخرج من بخت الرضا وكان قائدا فيها , قال احد زملائه : هو عضو ملتزم في الحزب الشيوعي من الوسطي , وجد نفسه في الشعر والخطابة وهو متحدث لبق بالعربية والانجليزية , أحب التمثيل لكنه كان مؤمنا بالحزب الذي أخذ جل وقته ولم يمنعه ذلك من سرد مسرحية قيس وليلي بطرافة رجل عرف المدينة والريف بكل تجاعيدها وزغاريدها وجنائزها , قال عن قيس عندما اغمي عليه ضاحكا : دا لو كبوا آذان بلال في أضانه كب مابيصحي .
أحب مكتبته بشغف , راقبت ترحاله في المدن واعتقالاته بصمت  محب , وفاء العلم لايجادله لسان الزمان ولو طال به الأمد , كتب تاريخ السودان القديم , اصل مدينة الخرطوم والنوبة ومآساة السد العالي وتهجير الحلفاويين , كتب تولستوي الحرب والسلام وآنا كرنينا , وقصيدة تربوية لمكسيم غوركي يحكي فيها عن تنشئة الاحداث في عهد الاشتراكية , محمد ابراهيم ابوسليم , طبقات ود ضيف الله , البروفسير عبدالله الطيب وهو خاله لأمه , له معه الكثير من الحكاوي والذكريات , حكي انه : كان يعمل في مدرسة امدرمان الصناعية , فقابله عبدالله الطيب في الطريق وكان ذلك في شهر رمضان , حياه قائلا : طبعا يامبشر انت رمضان دا ماحقكم ’ جاوبه بجدية المتجاهل وخفة ظله المختبئة خلف روحه النبيلة : فطرت عند ناس فلان جابولنا لحمة محمرة مطبوخة بي طريقة هلنا في الدامر , ثم سأله با ابتسامة مكر مشاغب  : انت ليه اكلنا في الدامر طاعم عشان  هناك بيجيدوا صناعة الطعام ولا دي بركة شيخنا     المجذوب !! أجابه عبدالله : عشان الاتنين وابتسم  ثم تفرقت بهم السبل .

No comments:

Post a Comment