Saturday 6 July 2013

عفوا

عزيزتي دلال
لايبارحني صوتك وانتي تقولين لي  ( يا ايما لايأكل الذئب الا من الغنم القاصية ) ربما لانك كنت تشعرين انني دائما بعيدة متنحية عن ( الاصول ) وهي كلمة قوية وبارعة التجوال بين عباراتنا التي نتخيرها لتبرير افعالنا الغير مبررة , اردت ان اخبرك انني لكم فضلت ان اكون قاصية دون  ان اتبع قطعان تتوهم الخطأ والصواب ,, ادعو في تباريح غربتي ان يصبح كل منا قاصيا  عن القطعان المقرفة , تلك القطعان المليئة بالاصول التي نتوهمها حتي في عقلنا الباطن ,, وقد قالها الفيتوري :
 دنيا لا يملكها من يملكها
أغنى أهليها سادتها الفقراء
الخاسر من لم يأخذ منها
ما تعطيه على استيحاء
والغافل من ظنّ الأشياء
هي الأشياء
لطالما سألت نفسي لماذا انا قاصية ! كما سألتها تكرارا عن الاصول !!
جاوب صوت اسئلتي رحيلي المفاجئ حتي دون ان اودعك عزيزتي , ليس لأنني اخاف من دموعي امام غيري , بل لانني اخاف خبايا روحي التي تحن الي الحنان المفقود , حنان لم احسه الا وانا احضن نفسي ليلا في برد كييف القارص , خلف وردات تشبه طفولتي بين يديكي الناعمتين ايتها الجميلة , كم كنتي فاتنة لا انكرها كنتي كما يجب للأم ان تكون , لم اكن مطيعة كما وددتي لي , كانت ملابسي قصيرة اقصر من ان تستر عورة بلد كلها لصوص , لايمكن انا انسي  خروجنا معا صباحا الي الصيدلية ( صيدلية الصاوي )
هل تذكرين كيف كان الزمن عصيا !! كان يلاحقك زبانية النظام في بداية التسعينات , ليس لانك جميلة فقط لا !! بل لانك امرأة وارملة !! لاحول لكي ولاقوة سوي العمل في ظل هذا الهجير القاسي , كانوا يحتكرون الدواء والطلبيات علي ( ناسهم زي مابقولوا ) نقف في تلك الصفوف حتي تجف امالنا من هؤلاء اللصوص , كانت الملاريا تنخر عظامي , دكتور الفاتح مازال يراودني بقميصه الازرق الباهت الذي يروي قصة( مركز صحي الختمية ) اين هو الآن ؟ رأيته صدفة وعرفته بعد طول السنين اصبح مدير مستشفي الحميات الآن ويرتدي بذة عساكر !! ياالله !! من مركز صحي الختمية الي مدير مستشفي الحميات !!
اوربا الشرقية ليست كأحلام ابي في تلك المكتبة ! شئ آخر مختلف , وددت لو أنه حاضر لأحكي له عن مارأيت , اتعرفين ! وجدت بيانو كبير مكتوب عليه اكتوبر الاحمر , لينين قراد !! فرحت كطفل يشم رائحة اب مفقود بين رمال حمد النيل , حمد النيل لم تعد كما هي , تفلتت شواهد القبور عن الموتي !! يالله !! حتي الشواهد !!
زبانية النظام لم اكرههم من فراغ !! لا انسي وجه عوض ابن عوف وهو يرتدي ذلك الاخضر الداكن يحمل وسامة شاب غبي ضل طريقه الي الحياة ’ ارتضي لنفسه ان يكون دبلوماسي بالسفارة المصرية , اولاده يشبهونه لولا رحمة الطفولة باالابناء ! يقف امام بوابة المدرسة ليقلني الي المنزل وانا ارفض ,, كما يقول المثل الطريق الي قلب الارملة ابناءها !! صوتك مازال يدق في أذني جرس الانذار من هؤلاء الاوغاد : والله يا ايمان تاني ترجعي مع عوض ابن عوف دا اقتلك ) من تلك النبرة عرفت انهم  جبناء وقتلة .
كان البيت متورع في الشكوي , شكوي الغياب .. صور كثيرة وتحف ولوحات ,, هدوم وكرفتات وبدل رمادية .. بحب اللون الرمادي !! مصطفي لطفي المنفلوطي عاقدا شاربه علي النظرات والعبرات حينا آخر !! مجلة العربي  كل الاعداد القديمة  ورائحة صنعاء تملأ المكان ,, كتب روسية قديمة  ومذكرات بخط اليد ! كتابة زي الموسيقي !! تشبه النوتة الموسيقية بالضبط !!
موسيقي الكتابة لم تبارحني  , انا من اهوي ومن اهوي انا , درويش الحب يملأ كل مساماتي ,, ا احبك
مازلت احبك رغم كل هذه القسوة .. ولكن
عفوا للدين
عفوا للاصول
عفوا للقطيع


أنا قاصية  

6 comments:

  1. عجيب وصادق ولطيف...قريتو تريليون مرة...كلنا نحن القاصيات يا أيما..لا عليك

    ReplyDelete
  2. شذي كم انا سعيدة بيكي وطوبي للقاصيات

    ReplyDelete
  3. نص مدهش كراحة البال

    ReplyDelete
  4. يا سلام على هذا الجمال، التعبير، الخروج عن القائمة والدخول في الذات الأصيلة

    ReplyDelete
  5. محمد بدوي تسلم ولابد لنا من الافصاح وبدون غتغتة

    ReplyDelete
  6. شكرا رامي علي المروروهو كلام من ذات الحياة

    ReplyDelete